عيد ميلادي:
اليوم وبعد سنوات طالت عادت بي الذاكرة لموقف حدث في حياتي كانت بطلته أمي سناء الخش الانسانة البسيطة التي لم تقرأ أطنانا من الكتب كما قرأت ولم تدور الدنيا وتغوص في عمقها كما فعلت ولكنها كانت أشد فهما مني ولسبب واحد هو العفوية .
حضاراتنا وعلومنا جعلت منا مجرد كتلة من العقد الباحثة عن قوة ترتكز عليها حينا بالمال وحينا بالسلطة وحينا بالأديان والأحزاب والانتماءات .مع أن الكون بعيد عن أفكارنا نحن البشر وجنوننا .
لن أدخل في فلسفة مملة وسأحكي القصة . كان ياماكان منذ 25 عاما طفلة صغيرة مدللة حان موعد عيد ميلادها وكما في كل عيد تحتفل الأم من أجلها وتأتي بما لذ وطاب وتعزم كل الأطفال للأكل والرقص واللعب في بيتها .
وتأتي بهدية فاخرة مميزة لطفلتها الوحيدة تلك .وهكذا كان .
جاء اليوم الموعود من شهر آذار وقامت الطفلة بعزيمة كل أصدقائها وهي تقفز فرحا وسعادة وبدأت الأم بتحضير مايلزم للحفلة .
وفي المساء بدأ الأطفال يتوافدون الواحد تلو الآخر , والضجيج عم المكان فرحا ولعبا ورقصا , إلى أن حدث أمر مفاجىء وهو أن الجدة تعبت كثيرا وصرخت متألمة من مرضها العضال وتغير جو الفرح إلى جو من الحزن والكآبة وصمت الأطفال , وبدأ زوار الجدة من جيران وأقرباء بالتوافد للبيت , كان من المتوقع أن يغادر الأطفال سريعا إلى بيوتهم وتنتهي الحفلة قبل أن يتناولوا ولو قطعة من الحلوى , ولكن تلك الأم عملت على إيجاد توازن سريع بفطرتها وطيبتها الموزعة بين أمها وطفلتها فقالت : حضرت لكم مفاجأة غريبة ليكون عيد الميلاد مميزا سنذهب معا لسطح المبنى وستكون الحفلة رائعة هناك .وفعلا قفز الأولاد متراكضين للسطح وبدأت الأم بنقل صحون الحلوى والطعام اللذيذ للسطح , وتم تقديم الهدايا عند المدخنة والتقاط الصور التذكارية ,ولعب الجميع وفرحوا وكانت حفلة مميزة فعلا. بين المداخن المسودة ونقاط المطر الخفيفة , بين دموع الأم التي كانت تمسحها وهي تصعد الدرج وتنزل لتقوم بواجب الجدة من جهة وتعود لتقدم الفرح لابنتها من جهة أخرى , الطفلة كانت تشعر بكل هذا وتقول في نفسها كيف رضي هؤلاء الأطفال بفكرة أمي وهم يقومون بطقوس مختلفة في أعياد الميلاد..... ؟
كيف سأواجه ذلك الموقف في حياتي أمامهم بعد اليوم..... ؟
كيف انكسرت صورتي أنا الطفلة صاحبة الامتيازات الدائمة .... ؟
ولكن في اليوم التالي تجمع الأطفال حولها في المدرسة وقالوا لها نحسدك على تلك الأم الرائعة التي صنعت لنا جوا من الفرح .
كيف حال جدتك ؟...... منذ ذلك اليوم تعلمت الطفلة درسا عظيما وهو أن المحبة والعفوية لاتحتاج إلى طقوس ولاإلى إمكانيات .
الفرح يصنع من البساطة والمشاركة والإحساس بالآخر .
المحبة لاتحتاج إلى ذكاء وفلسفة , لاتحتاج لا للمال ولا للسلطة ولا ولا.......
لو نترك مابحوزتنا من أفكار وعقائد معقدة ولنعد لبساطتنا وإنسانيتنا وعفويتنا .
سنعمر بلدنا من جديد .
لا للاستسلام معا للمحبة والسلام .
بقلم : انغريد وطفة
اليوم وبعد سنوات طالت عادت بي الذاكرة لموقف حدث في حياتي كانت بطلته أمي سناء الخش الانسانة البسيطة التي لم تقرأ أطنانا من الكتب كما قرأت ولم تدور الدنيا وتغوص في عمقها كما فعلت ولكنها كانت أشد فهما مني ولسبب واحد هو العفوية .
حضاراتنا وعلومنا جعلت منا مجرد كتلة من العقد الباحثة عن قوة ترتكز عليها حينا بالمال وحينا بالسلطة وحينا بالأديان والأحزاب والانتماءات .مع أن الكون بعيد عن أفكارنا نحن البشر وجنوننا .
لن أدخل في فلسفة مملة وسأحكي القصة . كان ياماكان منذ 25 عاما طفلة صغيرة مدللة حان موعد عيد ميلادها وكما في كل عيد تحتفل الأم من أجلها وتأتي بما لذ وطاب وتعزم كل الأطفال للأكل والرقص واللعب في بيتها .
وتأتي بهدية فاخرة مميزة لطفلتها الوحيدة تلك .وهكذا كان .
جاء اليوم الموعود من شهر آذار وقامت الطفلة بعزيمة كل أصدقائها وهي تقفز فرحا وسعادة وبدأت الأم بتحضير مايلزم للحفلة .
وفي المساء بدأ الأطفال يتوافدون الواحد تلو الآخر , والضجيج عم المكان فرحا ولعبا ورقصا , إلى أن حدث أمر مفاجىء وهو أن الجدة تعبت كثيرا وصرخت متألمة من مرضها العضال وتغير جو الفرح إلى جو من الحزن والكآبة وصمت الأطفال , وبدأ زوار الجدة من جيران وأقرباء بالتوافد للبيت , كان من المتوقع أن يغادر الأطفال سريعا إلى بيوتهم وتنتهي الحفلة قبل أن يتناولوا ولو قطعة من الحلوى , ولكن تلك الأم عملت على إيجاد توازن سريع بفطرتها وطيبتها الموزعة بين أمها وطفلتها فقالت : حضرت لكم مفاجأة غريبة ليكون عيد الميلاد مميزا سنذهب معا لسطح المبنى وستكون الحفلة رائعة هناك .وفعلا قفز الأولاد متراكضين للسطح وبدأت الأم بنقل صحون الحلوى والطعام اللذيذ للسطح , وتم تقديم الهدايا عند المدخنة والتقاط الصور التذكارية ,ولعب الجميع وفرحوا وكانت حفلة مميزة فعلا. بين المداخن المسودة ونقاط المطر الخفيفة , بين دموع الأم التي كانت تمسحها وهي تصعد الدرج وتنزل لتقوم بواجب الجدة من جهة وتعود لتقدم الفرح لابنتها من جهة أخرى , الطفلة كانت تشعر بكل هذا وتقول في نفسها كيف رضي هؤلاء الأطفال بفكرة أمي وهم يقومون بطقوس مختلفة في أعياد الميلاد..... ؟
كيف سأواجه ذلك الموقف في حياتي أمامهم بعد اليوم..... ؟
كيف انكسرت صورتي أنا الطفلة صاحبة الامتيازات الدائمة .... ؟
ولكن في اليوم التالي تجمع الأطفال حولها في المدرسة وقالوا لها نحسدك على تلك الأم الرائعة التي صنعت لنا جوا من الفرح .
كيف حال جدتك ؟...... منذ ذلك اليوم تعلمت الطفلة درسا عظيما وهو أن المحبة والعفوية لاتحتاج إلى طقوس ولاإلى إمكانيات .
الفرح يصنع من البساطة والمشاركة والإحساس بالآخر .
المحبة لاتحتاج إلى ذكاء وفلسفة , لاتحتاج لا للمال ولا للسلطة ولا ولا.......
لو نترك مابحوزتنا من أفكار وعقائد معقدة ولنعد لبساطتنا وإنسانيتنا وعفويتنا .
سنعمر بلدنا من جديد .
لا للاستسلام معا للمحبة والسلام .
بقلم : انغريد وطفة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق